عقد مختبر اللغة والمجتمع، التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة بمدرج المناظرات زوال يوم الثلاثاء 15 مارس 2016، ندوة بعنوان «ثقافة التربية والتدريس» (The Culture of Education and Teaching). تعد هذه الندوة الثالثة ضمن سلسلة من الندوات والمناظرات بعنوان «الثقافة المغربية: التراث و(ما بعد) الحداثة»، حيث تمحورت الندوة الأولى حول الربيع العربي والثانية حول الثقافة الإسلامية وسؤال النوع. وتجدر الإشارة إلى أن هذه السلسلة تتميز بالتعددية اللغوية حيث تتاح للمشاركين والحضور حرية الاختيار بين الإلقاء باللغة العربية، أوالفرنسية، أوالإنجليزية.
نظمت الندوة بتأطير من الدكتور عبد القادر عبو، رئيس شعبة الدراسات الإنجليزية بنفس الكلية، وبمشاركة كل من الدكتور أبو عبد القادر حسن أستاذ بالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن بمكناس، والدكتور محمد ملوك أستاذ بكلية علوم التربية بالرباط، والدكتور أحمد الفرحان أستاذ الفلسفة بجامعة ابن طفيل. ناقش الأساتذة المشاركين الدكتور توفيق الله أفكينيش، أستاذ بشعبة اللغة الإنجليزية بنفس الكلية. هذا وافتتح الندوة الدكتور عبد القادر عبو بتقديم الأساتذة المشاركين وشكرهم، وكذا الحضور، على حضور الندوة. كما عبر عن أهمية موضوع ثقافة التربية والتدريس في خضم الأزمة التي يعرفها النظام التعليمي المغربي. بعدها أعطى الانطلاقة للنقاش بإعطاء الكلمة للمتحدث الأول، الدكتور محمد ملوك.

ألقى الدكتور محمد ملوك عرضا باللغة الإنجليزية بعنوان “I teach, but do they learn?: Teachers’ Intentions vs. Students’ Expectations” (أدرس، لكن هل يتعلمون؟: نوايا الأساتذة مقابل توقعات الطلبة). افتتح الدكتور عرضه بمقدمة شخص فيها إشكالية العرض، وهي المعيقات التي تحول دون تحقيق الهدف الجوهري للعملية التربوية: نجاح المدرس في تدريس ما يجب تدريسه ونجاح المتعلم في تعلم ما يتم تدريسه. لكن الحصيلة، يضيف الدكتور، في الغالب ما تكون غير مرضية رغم كل الإصلاحات التي تدعي أنها تضع المتعلم في جوهر العملية التربوية. بعدها مر الدكتور إلى التساؤل عما إذا كانت المشكلة مشكلة تدريس أو تعلم أو كلاهما.  ثم أتبع هذا التساؤل بالفرضية التالية: رغم جودتها، تتعارض المناهج التعليمية الحالية مع التصور الذي يمتلكه الأستاذ والمتعلم (والمجتمع) عن التربية، والذي ينتج عنه تعارض بين نوايا الأساتذة وتوقعات الطلبة (التدريس مقابل التعلم). انتقل الدكتور بعدها إلى التعريف بهذه النوايا والتوقعات. فذهب إلى أن نوايا الأساتذة تكمن في تدريس البرامج المقترحة والحرص على تغطية كل المحاور وتقييم مدى نجاح الطلبة في تعلمها عن طريق الامتحانات. أما توقعات المتعلمين فتكمن في تعلم ما يتم تدريسه والنجاح بغية الحصول على الشهادة.
بعد ذلك انتقل إلى تعريف ماهية التربية والبيداغوجية ومناقشة بعض فلسفات التربية مثل ما يسمى بالفلسفة الدائمة أو الأبدية (Perennialism) والواقعية (Realism) والماهوية (Essentialism) والمثالية (Idealism) والتقدمية (Progressivism) والبراغماتية (Pragmatism) والبنائية (Constructivism). كما فصَّل في طبيعة عملية التعلم (The learning process) ومفهومي التحفيز والتعزيز. وأشار كذلك إلى أهمية مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين. أنهى الدكتور عرضه بخاتمة مفتوحة على شكل اقتباسات لها علاقة بثقافة التربية والتدريس.
بعد أن فرغ الدكتور محمد ملوك من إلقاء عرضه، أخد الدكتور عبد القادر عبو الكلمة، شاكرا الدكتور على العرض القيم ومعلقا عنه بتساؤل عن السبب الذي جعل هؤلاء المدرسين يحملون هكذا نوايا وجعل المتعلمين يحملون هكذا توقعات، وعلى من يجب أن يقع اللوم، مضيفا أن الإجابة تكمن في ثنائية الثقافة والتربية، وهو موضوع الندوة التي لازالت في بدايتها، على حد قوله.

بعد ذلك أعطى الدكتور عبد القادر عبو، مؤطر الندوة، الكلمة للدكتور أبو عبد القادر حسن، أستاذ بالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن بمكناس، الذي ألقى عرضا باللغة الفرنسية بعنوان “? Programmes Universitaires et Société : Quel impact” (المناهج الجامعية والمجتمع: أي تأثير؟). فقسم هذا العرض إلى خمسة محاور: مقدمة وملخص الوحدات (Sommaire des Modules) وتوزيع الوحدات (Répartition des Modules) والنتائج (Résultats et Constatations)، على مستوى المحتوى والبيداغوجيا، وخاتمة. بعد مقدمة قصيرة حول منزلة اللغات ضمن البرامج التدريسية وعلاقتها بباقي المواد التدريسية، انتقل الدكتور إلى جوهر عرضه، وهو تحليل لمحتوى برنامج شعبة اللغة الإنجليزية، سلك الإجازة، في جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، بغرض إيجاد مكامن الخلل فيه. فوجد الدكتور أن الخلل يكمن في كون البرنامج الجامعي قيد التحليل يعطي أهمية للمهارات اللغوية على حساب المهارات النقدية والثقافية والفنية، وأن هذا الخلل يعكس الانقسام التقليدي بين اللغة ودورها في المجتمع. وختم الدكتور عرضه بفكرة أنه يجب وضع مناهج دراسية متناغمة وحاجيات المجتمع، كما يجب تقليص الفجوة بين الطالب والأستاذ.

بعد انتهاء العرض، أخد الدكتور عبد القادر عبو الكلمة حيث تساءل، في علاقة مع العرض الأخير، عن مدى حضور «الثقافة المغربية والتربية المغربية [في] هذه المناهج كمضمون وكمناهج في حد ذاتها». كما أضاف أن إشكالية ثقافة التربية والتدريس هي «إشكالية ثلاثية الأضلاع … النظام  والأستاذ والطالب أو التلميذ». وتساءل ما إذا كان الطالب والأستاذ حاضرين ثقافيا في المناهج، مضيفا أن تقويم المناهج يقتضي الأخذ بعين الاعتبار ثقافة الطالب وبدونها سيكون مصير أي إصلاح الفشل. وذكر كذلك أن «القيمة المضافة لهذه اللقاءات هي طرح الإشكال للنقاش». ثم أعطى الكلمة للدكتور أحمد الفرحان، أستاذ فلسفة بجامعة ابن طفيل.

افتتح الدكتور أحمد الفرحان مداخلته بالإشارة إلى أن مفهوم التربية الحديثة يعود إلى عصر التنوير وقد نشأ عن «أكبر عملية تطهير للعقل من ثقافة الأحكام المسبقة» حين أدرك الأوروبي أنه لن يتقدم بدون إعمال العقل والتخلي عن سلطة الماضي، أي سلطة الأسلاف، لصالح سلطة المستقبل، والقضاء على سلطة النقل لصالح سلطة العقل، يضيف الدكتور. كما أشار إلى أن الأوروبي مر من الحداثة إلى ما بعد الحداثة حيث عادت بعد مظاهر عصر ما قبل الحداثة للسطح فأصبح لزاما عليه أن يربط التربية بالثقافة عوض الاقتصار على التقنيات، خصوصا أن هذه الثقافة قد مرت من مرحلة النقد العقلي في عصر الحداثة. بعد هذا، مر الدكتور للتحدث عن السياق المغربي، وذهب إلى أن الوضع معقد كوننا مصطدمون بما بعد الحداثة رغم أننا لم نعش الحداثة وثقافتنا لم تمر من مرحلة النقد العقلي بغرض التمحيص والغربلة كنظيرتها الأوروبية. كما أضاف الدكتور أن التربية الحديثة في التجربة الغربية تمكنت من الفصل بين الأستاذ الأب، الحامل لثقافة الماضي المليئة بالأحكام المسبقة التابعة لسلطة النقل، والأستاذ الأستاذ، المشجع لسلطة المستقبل والعقل، وهو الشيء الذي لم نتوفق في فعله بعد. كما شدد الدكتور على أن التربية يجب أن يكون لها بعد إنساني وليس فقط مهني، وكوننا «لم نتوفق إلى اليوم في خلق مدرسة تضع ثقافة المجتمع (وقصده ثقافة الماضي الخاضعة لسلطة النقل لا العقل) خارج أسوارها … [هذه الثقافة] المعيقة لتربية المجتمع»، يضيف الدكتور. بعض الإشارة إلى نقاط أخرى، ختم الدكتور مداخلته بفكرة أن المشكلة تكمن في أن عمق المؤسسات التربوية يعاني من غياب ثقافة التغيير.


بعدها أخد الدكتور عبد القادر عبو الكلمة وتساءل «أين هي ثقافتنا في كل هذا، في الحداثة وما بعد الحداثة …» كما أشار إلى أهمية بعض مناهج التدريس كالتدريس الـتأملي (Reflective teaching)، ثم مرر الكلمة إلى الدكتور توفيق الله أفكينيش، أستاذ بشعبة اللغة الإنجليزية بنفس الكلية، الذي ناقش الأساتذة المشاركين عن طريق توجيه أسئلة و/أو ملاحظات لهم. فبدأ بتوجيه ثلاثة أسئلة و/أو ملاحظات للدكتور أحمد الفرحان، حيث أشار، في السؤال الأول، إلى أن هذا الأخير استعمل مصطلح الثقافة مرارا في مداخلته إلا أنه لم يشر إلى ماذا يعني بالضبط بالمصطلح، خصوصا أنه ذهب إلى أن الثقافة شيء وجب التخلص منه احتذاء بتجربة عصر الأنوار. أما الملاحظة الثاني فتمحورت حول قول الدكتور الفرحان أن التربية تعود للقرن الثامن عشر إلا أن الدكتور أفكينيش يرى أن التربية كفعل وممارسة هي أقدم من هذا، وأعطى مثال تجربة المرينيين في التربية التي حاولت محاربة الممارسات الوثنية لفسح الطريق أمام الفكر الإسلامي. وتبقى خصوصية القرن الثامن عشر في كونه «أعطى أهمية كبيرة للعقل» يضيف الدكتور. كما أشار الدكتور أفكينيش إلى أن المغرب في كل محاولاته لعصرنة النظام التعليمي لم يستطع التخلص من التصور المريني للتربية الذي أعطى أهمية كبيرة للمعلومة «واجترارها كما هي». خلافا لما ذهب إليه الدكتور أفرحان، يرى الدكتور أفكينيش أن ما ينقصنا هو المهارة لا المعلومة فهذه الأخيرة متاحة على الشبكة العنكبوتية.
بعد ذلك مر الدكتور أفكينيش إلى طرح بعض الأسئلة على الدكتور محمد ملوك. فالسؤال الأول تمحور حول التعارض بين نوايا المدرسين وتوقعات المتعلمين الذي ركز عليه الأخير في مداخلته، فتساءل الدكتور أفكينيش عن طبيعة هذا التصور للتربية الذي أدى إلى هذا التعارض. كما تساءل، بالإضافة إلى تساؤلات أخرى، عن فلسفات التربية التي أشار إليها الدكتور محمد ملوك في عرضه، ما إذا كان إدراجها في العرض تلميحا أو اقتراحا بشأن أهميتها بالنسبة للسياق المغربي. بعدها مر الدكتور أفكينيش إلى توجيه أسئلة للدكتور أبو عبد القادر حسن. فتساءل، من بين تساؤلات أخرى، عن فكرة تكليف الطلبة بإلقاء الدروس، وهي فكرة أثنى عليها هذا الأخير في مداخلته، وما إذا كانت الفكرة تقتصر على مستوى معين.

بعد مداخلة الدكتور أفكينيش، التي كانت عبارة عن أسئلة وملاحظات موجهة للأساتذة المشاركين، أفسح الدكتور عبد القادر عبو المجال للحضور لطرح أسئلتهم. فكانت الأسئلة عديدة وغنية، لدرجة أن مداخلات الأساتذة المشاركين لم تكن قيمة ومهمة فقط لمضمونها بل أيضا لكونها مهدت الطريق أمام الحضور لطرح أسئلتهم التي انبثق عنها هي الأخرى، من خلال رد الأساتذة، نقاش غلب عليه طابع الحماس، فامتدت الندوة إلى غاية السادسة والنصف مساءا.





نظم مختبر اللغة والمجتمع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، يوم الثلاثاء 16 فبراير 2016، ندوة بعنوان «الثقافة الإسلامية وسؤال النوع»، بشراكة مع كرسي اليونيسكو للمرأة وحقوقها. وقد نظمت المناظرة بتأطير من الدكتور عبد القادر عبو، رئيس شعبة الدراسات الإنجليزية، وبمشاركة كل من الدكتورة سومية بوتخيل من جامعة محمد الأول بوجدة، والدكتورة أسماء المرابط، طبيبة وباحثة  في قضايا الإسلام ورئيسة مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية التابع للرابطة المحمدية للعلماء في المغرب، والدكتورة فوزية غيساسي، أستاذة بجامعة ابن طفيل ورئيسة كرسي اليونيسكو للمرأة وحقوقها. وتمت مناقشة الباحثات المشاركات من طرف الدكتورة نعيمة بالعربي، وهي أستاذة بجامعة ابن طفيل.



افتتحت المناظرة بقراءة الفاتحة ترحما على روح الكاتبة المغربية وعالمة الاجتماع الدكتورة فاطمة المرنيسي. بعدها ألقى الدكتور عبد القادر عبو كلمة افتتاحية عرف فيها بالمشروع الذي تنطوي تحته هذه الندوة. كما جاء في كلمة الدكتور، هذا المشروع هو عبارة عن سلسلة من الندوات والمناظرات ينظمها مختبر اللغة والمجتمع بنفس الكلية، بعنوان «الثقافة المغربية: التراث و(ما بعد) الحداثة». وأشار كذلك إلى أن هذه المناظرات تتميز بالتعددية اللغوية حيث تتاح للمشاركات والمشاركين والحضور حرية الإختيار بين الإلقاء باللغة العربية، أوالفرنسية، أو الإنجليزية. وتعد مناظرة اليوم ثاني مناظرة في هذه السلسلة بعد ندوة سابقة دارت حول الربيع العربي. بعد هذا التعريف بالمشروع، عبر الدكتور عبد القادر عبو عن شكره للمشاركات اللواتي لبين الدعوة وقدمن من مدن أخرى للمشاركة في الندوة. كما رحب بباقي الحضور من أساتذة وطلبة. ثم أعطى الكلمة للمتحدثة الأولى، الدكتورة سومية بوتخيل.


تناولت الدكتورة سومية بوتخيل في مداخلتها باللغة الإنجليزية إشكالية وضعية المرأة بين الإسلام كدين والعادات والتقاليد كثقافة. مستشهدة بآيات قرآنية وقصص من السيرة النبوية، عبرت الدكتورة عن كون الإسلام دين مساواة وعدل وسلم، جاء برسالة نبيلة وأعطى للمستضعفين حقوقا في زمن ساد فيه الظلم. فهو دين ينبذ التمييز الجنسي، العرقي والطبقي، والنساء كن من أوائل المعتنقين للإسلام، تضيف الدكتورة. إلا أن الإشكالية بالنسبة لها تبقي في العادات والتقاليد الثقافية التي تلبس رداء الدين وتتمظهر في شكل قواعد إسلامية. إلا أنها ليست سوى معتقدات مستمدة من النظام الأبوي الذي كان سائدا قبل الإسلام وعاد ليتربص بالإسلام مند زمن الخلافة إلى يومنا هذا. وتكمن جهود الحركة النسائية الإسلامية في تنقيح الإسلام من العادات والتقاليد التي تستمد شرعيتها من التفسيرات التقليدية السطحية للنصوص الدينية من طرف علماء دين يناهضون حقوق المرأة ويمتنعون عن إشراكها في العملية التفسيرية للنصوص الدينية. فالإسلام الذي جاء برسالة نبيلة بريء من هذه العادات والتقاليد والتفاسير السطحية التي تبخس المرأة حقوقها، تضيف الدكتورة.
وختمت الدكتورة مداخلتها بفكرة أن الحركات النسائية الإسلامية والعلمانية الغربية لها العديد من القسائم المشتركة، ويبقى الفرق الوحيد بينهما أن الأولي تستمد مرجعتيها من الدين الإسلامي بينما الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الانسان. كما أضافت الدكتورة أن الانقسام الحاصل بينهما لا يخدم قضية المرأة إنما يخدم النظام الأبوي السائد، ولهذا وجب عليهما تظافر الجهود للدفاع عن القضية التي تجمعهما، وهي الدفاع عن حقوق المرأة.
بعد مداخلة الدكتورة سومية بوتخيل، أعطى الدكتور عبد القادر عبو الكلمة للدكتورة أسماء المرابط التي قدمت مداخلتها باللغة العربية والفرنسية. فافتتحت الدكتورة مداخلتها بتسليط الضوء على العلاقة أو الشبه القائم بين الحركات النسائية الإسلامية والعلمانية الغربية. فرغم أن هناك قواسم مشتركة إلا أن لكل ثقافة خصوصيتها ولا يجوز إسقاط تجربة ثقافة ما على ثقافة أخرى. ومن تم فإن هدف الحركة النسائية الإسلامية هو تحقيق المساواة انطلاقا من المرجعية الإسلامية وهو ما تسميه الباحثة ب «الطريق الثالث» (La troisième voie). وهو فكر ومنهج مخالف للخطاب التقليدي الإسلامي من جهة والفكر العلماني الليبرالي الغربي من جهة أخرى. فهو فكر يروم إعادة قراءة النصوص الدينية قراءة تنبع من الإيمان أن المساواة تشكل جوهر الدين الإسلامي الذي يتوافق مع القيم الكونية خلافا لما يروج له التفسير التقليدي السطحي، على حد تعبير الباحثة.

وقد أشارت الدكتورة إلى محطتين رئيسيتين في قضية المساواة في المغرب. الأولى هي مدونة الأسرة لسنة 2004 التي جاءت بالعديد من الإصلاحات ورفعت بعض الظلم عن المرأة. أما الثانية فهي دستور 2011، خاصة الفصل التاسع عشر. وأضافت الباحثة أن هناك تناقضا بين النظام التعليمي المبني على التفسير التقليدي للنصوص الدينية المناهض للمساواة والدستور المغربي المدافع عنها، وهو تناقض يجعل التلميذ ينمو في بيئة ذات ازدواجية فكرية. وللخروج من هذه الازدواجية الفكرية يتوجب إصلاح الحقل الديني عن طريق إعادة قراءة النصوص الدينية في ظل ثلاث قراءات: قراءة شمولية، وقراءة مقاصدية، وقراءة سياقية. وأضافت الباحثة أن جوهر الإسلام هو العدل والمساواة إلا أن المفسرون التقليديون يركزون على بعض الآيات التي تذهب في منحى مغاير، وهي آيات تحتاج قراءة سياقية، على حد تعبيرها. كما أشادت الدكتورة بالتعليمات الملكية الأخيرة التي تسعى إلى مراجعة مقررات التربية الدينية.
بعد مداخلة الدكتورة أسماء المرابط، أعطى الدكتور عبد القادر عبو الكلمة للدكتورة فوزية غيساسي، رئيسة كرسي اليونيسكو للمرأة وحقوقها، التي افتتحت مداخلتها بالإشادة بالشراكة التي تجمع مختبر اللغة والمجتمع وكرسي اليونيسكو للمرأة وحقوقها، وهي شراكة تساعد في دراسة إشكالية النوع دراسة متعددة التخصصات. كما أشادت الدكتورة بالباحثات أمثال الدكتورة سومية بوتخيل والدكتورة أسماء المرابط وشجاعتهم في اقتحام الحقل الديني والجهد الذي يبذلنه في سبيل الدفاع عن حقوق المرأة.

بعد مداخلة الدكتورة فوزية غيساسي، أعطى الدكتور عبد القادر عبو، مؤطر الندوة، الكلمة للدكتورة نعيمة بالعربي التي طرحت سؤالين على الدكتورة سومية بوتخيل وسؤال على الدكتورة أسماء المرابط. وسأقصر الحديث هنا على السؤال الموجه للدكتورة أسماء المرابط الذي يتطرق إلى كيفية التوفيق بين القيم الكونية وبين القراءة الحداثية للنصوص الدينية مثل القراءة المقترحة من طرف الدكتورة أسماء المرابط. وكان جواب الدكتورة هو أن مشروع «الطريق الثالث» مبني على ثلاث ركائز، وهي اعتماد الأخلاق الإسلامية كمرجعية، وتبني القيم الكونية والتصدي للإمبريالية الثقافية الغربية.

بعد الإجابة على أسئلة الدكتورة نعيمة بالعربي، فسح الدكتور عبد القادر عبو المجال أمام الحضور لطرح أسئلتهم على المتدخلات. فطرح الحضور، ذكورا وإناثا، طلبة وأساتذة، أسئلة من قبيل مدى حضور الباحثات في شبكات التواصل الاجتماعي، ورأي الرابطة المحمدية للعلماء في مسألة المساواة في الإرث، ومدى وجوب القطيعة مع التفسير التقليدي للنصوص الدينية، وسبب الإحتكار الذكوري لميدان الإصلاح الديني، ورأي الدكتورة أسماء المرابط حول إمامة الناشطة النسائية الأمريكية أمينة ودود للرجال في الصلاة، وأسئلة أخرى، بعضها تمت الإجابة عنه والبعض الأخر لم يسع الوقت للتطرق إليه.
فاختلفت الأسئلة باختلاف أصحابها إلا أنها توحدت في إظهار إيمان أصحابها بقيم التسامح واحترام الرأي المخالف.
ملاحظة:
هذا التقرير لا يعكس بالضرورة فكر ومنهجية الدكتورات المشاركات. للتعرف عليهن أكثر، برجاء الاطلاع على أعمالهن.