«تقرير حول ندوة بعنوان «الثقافة الإسلامية وسؤال النوع

, , No Comments





نظم مختبر اللغة والمجتمع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، يوم الثلاثاء 16 فبراير 2016، ندوة بعنوان «الثقافة الإسلامية وسؤال النوع»، بشراكة مع كرسي اليونيسكو للمرأة وحقوقها. وقد نظمت المناظرة بتأطير من الدكتور عبد القادر عبو، رئيس شعبة الدراسات الإنجليزية، وبمشاركة كل من الدكتورة سومية بوتخيل من جامعة محمد الأول بوجدة، والدكتورة أسماء المرابط، طبيبة وباحثة  في قضايا الإسلام ورئيسة مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية التابع للرابطة المحمدية للعلماء في المغرب، والدكتورة فوزية غيساسي، أستاذة بجامعة ابن طفيل ورئيسة كرسي اليونيسكو للمرأة وحقوقها. وتمت مناقشة الباحثات المشاركات من طرف الدكتورة نعيمة بالعربي، وهي أستاذة بجامعة ابن طفيل.



افتتحت المناظرة بقراءة الفاتحة ترحما على روح الكاتبة المغربية وعالمة الاجتماع الدكتورة فاطمة المرنيسي. بعدها ألقى الدكتور عبد القادر عبو كلمة افتتاحية عرف فيها بالمشروع الذي تنطوي تحته هذه الندوة. كما جاء في كلمة الدكتور، هذا المشروع هو عبارة عن سلسلة من الندوات والمناظرات ينظمها مختبر اللغة والمجتمع بنفس الكلية، بعنوان «الثقافة المغربية: التراث و(ما بعد) الحداثة». وأشار كذلك إلى أن هذه المناظرات تتميز بالتعددية اللغوية حيث تتاح للمشاركات والمشاركين والحضور حرية الإختيار بين الإلقاء باللغة العربية، أوالفرنسية، أو الإنجليزية. وتعد مناظرة اليوم ثاني مناظرة في هذه السلسلة بعد ندوة سابقة دارت حول الربيع العربي. بعد هذا التعريف بالمشروع، عبر الدكتور عبد القادر عبو عن شكره للمشاركات اللواتي لبين الدعوة وقدمن من مدن أخرى للمشاركة في الندوة. كما رحب بباقي الحضور من أساتذة وطلبة. ثم أعطى الكلمة للمتحدثة الأولى، الدكتورة سومية بوتخيل.


تناولت الدكتورة سومية بوتخيل في مداخلتها باللغة الإنجليزية إشكالية وضعية المرأة بين الإسلام كدين والعادات والتقاليد كثقافة. مستشهدة بآيات قرآنية وقصص من السيرة النبوية، عبرت الدكتورة عن كون الإسلام دين مساواة وعدل وسلم، جاء برسالة نبيلة وأعطى للمستضعفين حقوقا في زمن ساد فيه الظلم. فهو دين ينبذ التمييز الجنسي، العرقي والطبقي، والنساء كن من أوائل المعتنقين للإسلام، تضيف الدكتورة. إلا أن الإشكالية بالنسبة لها تبقي في العادات والتقاليد الثقافية التي تلبس رداء الدين وتتمظهر في شكل قواعد إسلامية. إلا أنها ليست سوى معتقدات مستمدة من النظام الأبوي الذي كان سائدا قبل الإسلام وعاد ليتربص بالإسلام مند زمن الخلافة إلى يومنا هذا. وتكمن جهود الحركة النسائية الإسلامية في تنقيح الإسلام من العادات والتقاليد التي تستمد شرعيتها من التفسيرات التقليدية السطحية للنصوص الدينية من طرف علماء دين يناهضون حقوق المرأة ويمتنعون عن إشراكها في العملية التفسيرية للنصوص الدينية. فالإسلام الذي جاء برسالة نبيلة بريء من هذه العادات والتقاليد والتفاسير السطحية التي تبخس المرأة حقوقها، تضيف الدكتورة.
وختمت الدكتورة مداخلتها بفكرة أن الحركات النسائية الإسلامية والعلمانية الغربية لها العديد من القسائم المشتركة، ويبقى الفرق الوحيد بينهما أن الأولي تستمد مرجعتيها من الدين الإسلامي بينما الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الانسان. كما أضافت الدكتورة أن الانقسام الحاصل بينهما لا يخدم قضية المرأة إنما يخدم النظام الأبوي السائد، ولهذا وجب عليهما تظافر الجهود للدفاع عن القضية التي تجمعهما، وهي الدفاع عن حقوق المرأة.
بعد مداخلة الدكتورة سومية بوتخيل، أعطى الدكتور عبد القادر عبو الكلمة للدكتورة أسماء المرابط التي قدمت مداخلتها باللغة العربية والفرنسية. فافتتحت الدكتورة مداخلتها بتسليط الضوء على العلاقة أو الشبه القائم بين الحركات النسائية الإسلامية والعلمانية الغربية. فرغم أن هناك قواسم مشتركة إلا أن لكل ثقافة خصوصيتها ولا يجوز إسقاط تجربة ثقافة ما على ثقافة أخرى. ومن تم فإن هدف الحركة النسائية الإسلامية هو تحقيق المساواة انطلاقا من المرجعية الإسلامية وهو ما تسميه الباحثة ب «الطريق الثالث» (La troisième voie). وهو فكر ومنهج مخالف للخطاب التقليدي الإسلامي من جهة والفكر العلماني الليبرالي الغربي من جهة أخرى. فهو فكر يروم إعادة قراءة النصوص الدينية قراءة تنبع من الإيمان أن المساواة تشكل جوهر الدين الإسلامي الذي يتوافق مع القيم الكونية خلافا لما يروج له التفسير التقليدي السطحي، على حد تعبير الباحثة.

وقد أشارت الدكتورة إلى محطتين رئيسيتين في قضية المساواة في المغرب. الأولى هي مدونة الأسرة لسنة 2004 التي جاءت بالعديد من الإصلاحات ورفعت بعض الظلم عن المرأة. أما الثانية فهي دستور 2011، خاصة الفصل التاسع عشر. وأضافت الباحثة أن هناك تناقضا بين النظام التعليمي المبني على التفسير التقليدي للنصوص الدينية المناهض للمساواة والدستور المغربي المدافع عنها، وهو تناقض يجعل التلميذ ينمو في بيئة ذات ازدواجية فكرية. وللخروج من هذه الازدواجية الفكرية يتوجب إصلاح الحقل الديني عن طريق إعادة قراءة النصوص الدينية في ظل ثلاث قراءات: قراءة شمولية، وقراءة مقاصدية، وقراءة سياقية. وأضافت الباحثة أن جوهر الإسلام هو العدل والمساواة إلا أن المفسرون التقليديون يركزون على بعض الآيات التي تذهب في منحى مغاير، وهي آيات تحتاج قراءة سياقية، على حد تعبيرها. كما أشادت الدكتورة بالتعليمات الملكية الأخيرة التي تسعى إلى مراجعة مقررات التربية الدينية.
بعد مداخلة الدكتورة أسماء المرابط، أعطى الدكتور عبد القادر عبو الكلمة للدكتورة فوزية غيساسي، رئيسة كرسي اليونيسكو للمرأة وحقوقها، التي افتتحت مداخلتها بالإشادة بالشراكة التي تجمع مختبر اللغة والمجتمع وكرسي اليونيسكو للمرأة وحقوقها، وهي شراكة تساعد في دراسة إشكالية النوع دراسة متعددة التخصصات. كما أشادت الدكتورة بالباحثات أمثال الدكتورة سومية بوتخيل والدكتورة أسماء المرابط وشجاعتهم في اقتحام الحقل الديني والجهد الذي يبذلنه في سبيل الدفاع عن حقوق المرأة.

بعد مداخلة الدكتورة فوزية غيساسي، أعطى الدكتور عبد القادر عبو، مؤطر الندوة، الكلمة للدكتورة نعيمة بالعربي التي طرحت سؤالين على الدكتورة سومية بوتخيل وسؤال على الدكتورة أسماء المرابط. وسأقصر الحديث هنا على السؤال الموجه للدكتورة أسماء المرابط الذي يتطرق إلى كيفية التوفيق بين القيم الكونية وبين القراءة الحداثية للنصوص الدينية مثل القراءة المقترحة من طرف الدكتورة أسماء المرابط. وكان جواب الدكتورة هو أن مشروع «الطريق الثالث» مبني على ثلاث ركائز، وهي اعتماد الأخلاق الإسلامية كمرجعية، وتبني القيم الكونية والتصدي للإمبريالية الثقافية الغربية.

بعد الإجابة على أسئلة الدكتورة نعيمة بالعربي، فسح الدكتور عبد القادر عبو المجال أمام الحضور لطرح أسئلتهم على المتدخلات. فطرح الحضور، ذكورا وإناثا، طلبة وأساتذة، أسئلة من قبيل مدى حضور الباحثات في شبكات التواصل الاجتماعي، ورأي الرابطة المحمدية للعلماء في مسألة المساواة في الإرث، ومدى وجوب القطيعة مع التفسير التقليدي للنصوص الدينية، وسبب الإحتكار الذكوري لميدان الإصلاح الديني، ورأي الدكتورة أسماء المرابط حول إمامة الناشطة النسائية الأمريكية أمينة ودود للرجال في الصلاة، وأسئلة أخرى، بعضها تمت الإجابة عنه والبعض الأخر لم يسع الوقت للتطرق إليه.
فاختلفت الأسئلة باختلاف أصحابها إلا أنها توحدت في إظهار إيمان أصحابها بقيم التسامح واحترام الرأي المخالف.
ملاحظة:
هذا التقرير لا يعكس بالضرورة فكر ومنهجية الدكتورات المشاركات. للتعرف عليهن أكثر، برجاء الاطلاع على أعمالهن.


0 comments:

Post a Comment